يواصل الليل بالنهار في استذكار دروسه دون كلل أو ملل ولا حظ له من النوم والراحة إلا ساعات قليلة بل دقائق معدودة، وحتى خلال هذه الراحة اللحظية يستدعي ما استذكره من معلومات ليقيس مدى فهمه واستيعابه ويتخيل نفسه وقد حقق حلمه وصار الأول على الجمهورية في الثانوية العامة، فتزداد رغبته في العودة للاستذكار فيقطع لحظات راحته ليعود ثانية لكن ذات مرة لم يستطع القيام من فراشه إلى مكتبه فقد شعر بإرهاق ذهني وجسدي شديدين وحين أقبل على النوم لم يستطيع، فقد منعه الأرق من طول التفكير في كابوس الثانوية العامة فتلمس بيده بضع من حبوب المهدئات وتناولها وما هي إلا دقائق معدودة حتى غط في نوم عميق..تكرر هذا الأمر كثيرا وكأن صديقنا وجد ضالته في هذه المهدئات كلما رغب في التخلص من الأرق والحصول على استرخاء ذهني وأيضا نوم عميق فأفرط في تناولها حتى انقلب حاله رأسا على عقب فلم يعد يحتمل أن يمضي عليه يوم دون أن يتجرعها طلبا للتركيز أو النوم حتى ترك استذكار دروسه وصارت هذه المهدئات محل بحثه واهتمامه اليومي ورسب في اختبارات الثانوية العامة وفقد بوصلة أحلامه لكنه لم يعبأ بذلك مطلقا فصار همه الوحيد هو تجرع هذه المهدئات كي تخلصه مما انتابه من آلام فراقها خاصة بعد نفادها ..وبدلا من أن تصبح المهدئات وسيلة لراحته من كابوس الثانوية العامة وما يحمله من أعباء وتوترات صارت هي نفسها كابوسا أشد قسوة وإيلاما حتى أوقعته في شراك إدمانها…وفي السطور التالية نستعرض المزيد من التفاصيل عن هذا النوع من الإدمان.
1) ما هي الاستخدامات الطبية للعقاقير المهدئة؟
– إن المهدئات مثلها مثل غيرها من الأدوية والعقاقير الأخرى التي يتم إعطائها من قبل الأطباء النفسيين وفي نطاقات محدودة وتستخدم هذه المهدئات نهارا في علاج حالات القلق النفسي كما تستخدم ليلا لعلاج الأرق لمساعدة المريض على النوم.
– تستخدم المهدئات أيضا قبل إجراء العمليات الجراحية كجزء من تخدير المريض لتجنب الشعور بالألم كما تستخدم في علاج حالات الصرع وتنقسم هذه العقاقير إلى نوعين المهدئات الكبرى ، المهدئات الصغرى.
– تعمل المهدئات الكبرى على تهدئة عمل الجهاز العصبي المركزي ككل مثل المنومات المعروفة باسم “البابيتيورات” وهي جرعات صغيرة تجعل الإنسان يتصرف بحرية لاشعورية.
– أما المهدئات الصغرى تستخدم في تهدئة المريض وإزالة إحساسه بالخوف دون أن تؤثر على المخ ورغم ذلك فالأفراد الذين يتناولون هذا النوع من المهدئات يتكون لديهم استعداد أكبر للإدمان عليها وذلك لما تسببه لهم من شعور بالراحة وتجنب القلق.
2) ما هي الآثار الناتجة عن إدمان المهدئات؟
في حال الإفراط في تناول المهدئات أو تناول جرعات عشوائية دون استشارة الطبيب فقد يؤدي هذا إلى الإصابة بالعديد من الأضرار الصحية ومنها:
– شعور الشخص بالغثيان و الصداع و الدوار وفقدان الانتباه خاصة عند القيام بمهام خطيرة تتطلب التركيز مثل العمل على الآلات أو الأجهزة الكهربائية وقيادة السيارة.
– الإصابة بصعوبة في التنفس لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الجهاز التنفسي المزمن كالتهاب القصبات كما تصيب البعض بزيادة في الوزن.
– يؤدي تناول المهدئات إلى حدوث اضطرابات في المعدة مما ينتج عنه الشعور الدائم بالغثيان فور تناول الجرعة مباشرة كما تسبب الإرهاق الدائم والشعور بالعجز عن القيام بأي نشاط.
– بعض الأشخاص الذين يتناولون العقاقير المهدئة لفترات طويلة يعانون من التأثير العكسي لها حيث تؤدي إلى العصبية و التهيج والتوتر النفسي والميل إلى العنف والاعتداء على الآخرين بدلا من الشعور بالهدوء والاسترخاء النفسي الذي ينشده.
3) ما هي الأعراض الانسحابية عند التوقف عن المهدئات؟
تظهر هذه الأعراض بعد التوقف عن تناول العقاقير المهدئة من يوم إلى سبعة أيام وهذا حسب طبيعة العقار ومدى فعاليته وتستمر هذه الأعراض من أسبوع إلى أربعة أسابيع ويعاني المريض حينها من عدة أعراض جسمانية للقلق النفسي الشديد مثل:
– حدوث رعشة في الأطراف كاليدين والقدمين.
– إزدياد في ضربات القلب.
– الشعور بآلام حادة في المفاصل.
– التعرض لنوبات من اضطراب الإحساس وعدم القدرة على تحمل الأصوات المرتفعة.
– فقدان الشهية وعدم الرغبة في تناول الطعام وعدم انتظام ضربات القلب.
– عدم القدرة على حفظ التوازن والتعرض لنوبات من الاكتئاب والضيق.
4) كيف يتم علاج إدمان المهدئات؟
يتم علاج الإدمان من العقاقير المهدئة عبر تقليل جرعة العقار بصورة تدريجية وحسب جدول زمني يقرره الطبيب المعالج وعادة ما يكون العلاج ما بين 4 – 6 أسابيع وربما يزيد وذلك حسب نوع العقاقير التي يتناولها المريض كما يقع على عاتق عائلة المدمن دورا كبيرا في تقديم الدعم النفسي اللازم لتجاوز هذه الأزمة.